مال و أعمال

المستفيد الحقيقي من التجارة الحرة

مع الانفتاح التكنولوجي والغزو الثقافي الغربي، أصبح الحديث عن بعض المصطلحات كالعولمة و التجارة الحرة أشهر من نار على علم.
سنحاول في هذه التدوينة إلقاء الضوء على موضوع التجارة الحرة.
فما المقصود بها؟ وما هي أهدافها؟
ومن هو المستفيد الحقيقي من التجارة الحرة؟

تعريف التجارة الحرة

التجارة الحرة هي نظام  تدفق البضائع ورؤوس الأموال والأعمال دون حواجز قد تعرقل العملية التجارية بين الدول.
وتوجد عدة دول تربطها معاهدات للتجارة الحرة، كما توجد عدة منظمات دولية تهدف إلى تعزيز التجارة الحرة بين أعضائها. ويلقى هذا النظام دعما ومعارضة في الوقت نفسه من طرف مجموعة من الاقتصاديين، السياسيين، الصُّنّاع  وعلماء الاجتماع.

وتعتمد هذه الاتفاقيات على تكسير عدد من الحواجز التجارية وإعفاء المعاملات من الضرائب والتعريفات، وعدم اعتماد حد أقصى للاستيراد. إضافة إلى رفع الدعم عن المنتجين المحليين، ورفع القيود المفروضة على تدفق العملة وعلى اللوائح التي تشكّل عائقا أمام التجارة الحرة. 

الهدف من التجارة الحرة

ببساطة، تمكن التجارة الحرة الشركات الأجنبية من العمل بكفاءة وسهولة وفعالية كما لو كانت شركات محليّة. 

وتهدف فكرة التجارة الحرّة إلى تخفيض أسعار السلع والخدمات من خلال تشجيع المنافسة. مما يؤثر سلبا على المنتجين المحليين الذين لن يعودوا قادرين على الاعتماد على الإعانات الحكومية وغيرها من أشكال المساعدة، بما فيها نظام المحاصصة الذي يجبر المواطنين على استهلاك المنتوج المحلي. في حين أن الشركات الأجنبية ستجد الطريق مفتوحا لدخول أسواق جديدة عندما يتم رفع الحواجز التجارية أمامها.
و بالإضافة إلى تخفيض الأسعار، من المفترض أن تؤدي اتفاقيات التجارة الحرة إلى تشجيع الابتكار. فالتنافس بين الشركات يعني الحاجة لإيجاد منتوجات وحلول مبتكرة تمكنّ أصحابها من الحفاظ على حصّتهم في السوق.

وتمكّن التجارة الحرة كذلك من تعزيز التعاون الدولي، و تشجيع الدول على تبادل السلع والمواطنين بحرية.
ويمكن للاتفاقات بين الشركاء التجاريين أن تحمل مزايا تعليمية عديدة،  كإرسال مهندسين للتدرّب في مجالات هندسية معقّدة ومتفوّقة، أو إرسال خبراء زراعيين إلى مناطق ريفية لتعليم الناس تقنيات زراعية جديدة و ممارسات تساعد في الحفاظ على سلامة الأغذية. 

المستفيد الحقيقي من التجارة الحرة

يرى المعارضون لاتفاقيات التجارة الحرة أن هذا النظام التجاري يضر بالمنتجين المحليين من خلال فتح المنافسة أمام شركات تعمل في دول تعتمد على قوانين عمل أقل صرامة !
فعلى سبيل المثال، تعتمد دول الاتحاد الأوروبي على قواعد محددة تخص ساعات العمل، معدلات الأجور وظروف العمل، مما ينعكس بالتالي على تكلفة الإنتاج.
وعلى النقيض من ذلك، تعتبر قوانين العمل داخل عدد من الدول النامية -مثل هندوراس- متراخية ومتساهلة بشكل كبير، مما يسمح للشركات بتخفيض كلفة الإنتاج. 

وتثير التجارة الحرة مخاوف بشأن سلامة المنتجات الغذائية، ولنا أن نذكر سلسلة الفضائح التي هزّت بداية القرن الواحد والعشرين، والمتعلّقة بتلوث المنتجات الغذائية القادمة من الصين، الشيء الذي أثار نقاشا واسعا حول مسألة شراء السلع من البلدان التي تعتمد على أنظمة غير فعالة أو غير كاملة.

ويشجع هذا النوع من التجارة العديد من الشركات العالمية ذات النفوذ الكبير على نقل أنشطتها نحو الخارج. وذلك للاستفادة من اليد العاملة الرخيصة، والمواد الأولية غير المكلفة، والقوانين التنظيمية المتساهلة !
وقد لا تقوى الشركات المحلية في الدول النامية على مجابهة و منافسة هذه الشركات العملاقة. مما قد يؤدي إلى اختفاءها أو ابتلاعها أو خوصصتها.
وهذا الأمر يوضح المستفيد الحقيقي من نظام التجارة الحرة التي يعتبرها البعض نسخة معدلة من مسلسل الغزو الاقتصادي لدول العالم الثالث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى