صحة
أخر الأخبار

هل يمنع الأنسولين حرق الدهون؟

يثير موضوع الكاربوهيدرات والأنسولين الكثير من اللغط بسبب التأويلات المتعددة والفهم الخاطئ لبعض المعطيات العلمية. كما قد تتداخل بعض المصالح الضيقة للتأثير على نتائج الدراسات والأوراق البحثية.
وعلى أرض الواقع قد نجد رفضا متعصبا من طرف محترفي كمال الأجسام أو أصحاب الصالات الرياضية للعلاقة الشائعة بين الأنسولين والقدرة على حرق الدهون.
فيما يصر عدد من خبراء التغذية إلى شيطنة الكاربوهيدرات والدعوة إلى مقاطعتها بالكامل.
سنحاول في هذه التدوينة إلقاء الضوء على كل العناصر المؤثثة لهذا الجدال المستمر حول منع الأنسولين لحرق الدهون.

ماهو الأنسولين وما دوره؟

الأنسولين هرمون تفرزه خلايا بنكرياسية تسمى خلايا “بيتا” مباشرة بعد تناول وجبة غذائية. والغرض من هذا الإفراز هو خفض مستويات السكر في الدم و إبقاؤها في معدلاتها الطبيعية الذي يقدر باقل من 100 ng/dl خلال الانقطاع عن الأكل لفترة محددة او عند الاستيقاظ من النوم.

ماعلاقة الأنسولين بالدهون؟

يرتفع معدل الجلوكوز في الدم  بعد تناول الطعام، فتعمل خلايا بيتا البنكرياسية على إفراز هرمون الأنسولين. و يقوم هذا الأخير بنقل الجلوكوز من الدم الى جميع خلايا الجسم لتتغذى عليه.
كما يقوم بتخزين الجلوكوز الزائد عن الحاجة في الكبد و العضلات و مخازن الدهون.

ولا يقتصر دور الأنسولين على نقل الجلوكوز و تخزينه. بل يساهم كذلك في تصنيع بروتين العضلات من الأحماض الأمينية الموجودة في الدم. كما أنه يوقف عملية حرق الدهون Lipolysis و يؤدي الى عملية تخليق الدهون Lipogenesis .

ما علاقة الأنسولين بالكاربوهيدرات؟

مهما اختلفت الآراء حول دور الكربوهيدرات في النظام الغذائي الصحي، لا يمكن إنكار دورها الكبير في تحفيز الأنسولين. وهو السبب الذي يجعل أطباء مرضى السكري ينصحون مرضاهم بالابتعاد عنها بشكل كامل.

ولكي تتضح العلاقة بشكل أكبر تم ربط كل غذاء بمؤشرين مهمين هما مؤشر الأنسولين والمؤشر الجلايسمي (أو مؤشر لسكر).
بالنسبة لمؤشر الأنسولين فهو يعطي فكرة عن مقدار ارتفاع الأنسولين في الدم بعد ساعتين من تناول مادة غذائية معينة.
أما المؤشر الجلايسيمي فيشير إلى نسبة ارتفاع السكر في الدم بعد تناول الطعام.

الشاهد من الكلام، أن الأطعمة التي تتصدر القائمة بالنسبة للمؤشرين هي الأطعمة التي تحتوي على كاربوهيدرات سريعة التحلل كالخبز الأبيض والأرز والبطاطس. مما يؤكد أن الكاربوهيدرات ترفع معدل السكر في الدم وتزيد من إفراز الأنسولين وبالتالي تثبط عملية الحرق لفترة محددة.

اقرأ كذلك : كيف أعرف أني سمين؟

نقطة الخلاف

يحتج معارضو شيطنة الكاربوهيدرات على تأويل هذه النتائج رغم إقراراهم بصحتها.
والحجة هنا أن فترة الأكل ليست طويلة مقارنة بفترة الانقطاع عن الأكل أو الصوم. بتعبير آخر، رغم تحفيز الكاربوهيدرات للأنسولين إلا أن الإفراز لا يتعدى فترة زمنية قصيرة تبدأ مع تناول الطعام. وبالتالي يظل هناك هامش كبير لحرق الدهون أثناء فترة التوقف عن الأكل.

ويساعد الرسم التالي على فهم الفكرة :

في الجانب المقابل لا يمكن إنكار الجانب النظري لهذه الفكرة. لكن لا يمكن تجاهل نظرية أخرى تسمى دورة الجوع، والتي تفيد بأن حرق سكريات الدم بعد إفراز الأنسولين يؤدي إلى الإحساس المتجدد بالجوع. وهو ما يفسر الإقبال على السكريات والمحليات بعد الوجبات الغذائية، وهو ما يقلص فترة التوقف عن الأكل ويجعل الرسم السابق يصبح على الشكل التالي :

هل الكاربوهيدرات وحدها من تحفز الأنسولين؟

إن وجود الكاربوهيدرات على رأس قائمة الأغذية المحفزة للأنسولين لا يعني أن الأغذية الخالية من أو قليلة الكاربوهيدرات لا تحفز الأنسولين.
فكل الأغذية تقريبا تؤدي إلى إفراز الأنسولين بما فيها الدهون، لكن النسبة قد تكون متوسطة أو ضئيلة لا تكاد تذكر في بعض الحالات.
ويعطي الجدول التالي فكرة عن بعض الأطعمة ونسبة تحفيزها للأنسولين، ويمكن الاطلاع عليه من خلال الرابط : متوسط معدلات الجلوكوز والإنسولين والشبع

خلاصة

من المجحف شيطنة الكاربوهيدرات أو اعتبار الأنسولين عدوا للجسم، فهو هرمون ذو أهمية بالغة في تنظيم مختلف عمليات الجسم، واختلاله قد يسبب عواقب كبيرة على صحة الإنسان.
لكن استهلاك الكاربوهيدرات يجب أن يخضع لمراقبة ذاتية، يستطيع من خلالها المرء معرفة عدد سعراته الحرارية وضبط مستوى الأنسولين في الدم.
وقد يختلف الموقف حسب رغبة الشخص في زيادة كتلته أو إنقاصها، فالرياضيون الذين يمارسون كمال الأجسام أو رفع الأثقال يحتاجون الكاربوهيدرات كوقود للحرق وبناء العضلات.
أما الراغبون في فقدان الوزن، خاصة المصابون بالسمنة أو السمنة المفرضة، فينصح بابتعادهم عنها قدر الإمكان.
وعموما ينبغي الإقلال من التعرض للأنسولين بشكل شبه مستمر من أجل تفادي الإصابة بمقاومة الأنسولين، التي تعتبر بوابة لمرض السكري. ولهذا الغرض يجب تفادي الأكل بين الوجبات وإطالة فترة الصوم أو الانقطاع عن الأكل لأطول فترة ممكنة. ولا أدل على ذلك أكثر من حث المصطفى عليه الصلاة والسلام على عدم تناول الأكل قبل الإحساس بالجوع.

وكبديل قوي للكاربوهيدرات يمكن تناول الدهون الصحية التي لا تحفز الأنسولين بدرجة كبيرة، مع تجنب السكريات الصناعية والأكلات الخفيفة، بالإضافة إلى الالتزام الدائم بالرياضة التي تخلص الجسم من السموم أيا كان مصدرها.

إقرا كذلك : أكثر ثلاثة أخطاء شائعة لإنقاص الوزن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى